عودة الزنايدي والمكي والدايمي وتصريحات المغزاوي.. زخم جديد للانتخابات الرئاسية
بقلم الصحفي وجدي بن مسعود - بوابة تونس
“عودة الروح إلى الانتخابات بعد أن أصبح التونسيون يجدون أنفسهم فيها”.. زياد الهاني يعلق على الحركية الجديدة للسباق الرئاسي
بعد قرار الجلسة العامة للمحكمة الابتدائية في تونس التي أقرت عودة ثلاثة مرشحين، إلى السباق الرئاسي، وهم منذر الزنايدي وعبد اللطيف المكي وعماد الدايمي، عقب استبعادهم ورفض ملفات ترشحهم من قبل هيئة الانتخابات، باتت الساحة السياسية تضج بأجواء تنافسية ومشهد انتخابي أكثر تعددية، مع تطور عدد المعنيين بالسباق الرئاسي إلى 6 مرشحين، يقفون عند خط الانطلاق استعدادا لموعد السادس من أكتوبر المقبل.
عودة الروح
زخم جديد أفضت إليه المعركة الانتخابية قبيل حوالي 40 يوما من موعد الاقتراع، فبعد أشهر طويلة من اللامبالاة والبرود وضعف الاهتمام، من قبل الرأي العام المحلي والسواد الأعظم من التونسيين تجاه الموعد الانتخابي وكل ما يشوبه من مستجدات، عاد الحديث عن التصويت والمنافسين وقرارات المحكمة الإدارية ليحتل مكانة واسعة في اهتمامات التونسيين، ونقاشاتهم في المقاهي والفضاءات العامة، وعلى صعيد التفاعلات على منصات التواصل الاجتماعي.
زخم يبدو أشبه بـ”عودة الروح”، وفق تشبيه بعض المراقبين والمتابعين إلى المشهد التونسي، والذين يرجعون حالة التفاعل الكبير المسيطرة على المناخ الانتخابي والسياسي، إلى شعور قطاع كبير من الشارع الداخلي، وقواعد المعارضة، بأن الاستحقاق الرئاسي “لم يعد محسوما بشكل مسبق”، عكس ما كان سائدا طوال الأسابيع الماضية.
الحركية المتصاعدة في محيط العملية الانتخابية، انضافت إليها تصريحات الأمين العام لحركة الشعب والمرشح للانتخابات الرئاسية زهير المغزاوي، والتي فجرت موجة من التعليقات بشأنها، بين مرحب ومعارض أو ناقد، واستفزت فضاءات النقاش بين مختلف المكونات الحزبية والإيديولوجية، بما أعاد إلى المعركة الانتخابية جانبا من الحيوية الفكرية والسياسية التي عرفتها في سنوات 2014 و2019.
تصريحات المغزاوي جسدت “انعطافة” سياسية لحركة الشعب على مستوى تموقعها من السلطة، فبعد ثلاث سنوات كانت خلالها من أبرز داعمي مسار 25 جويلية والدستور الذي تمخض عنه، يعلن أمينها العام، خروجها ضمنيا من “محور” الرئيس سعيد، ساعيا إلى تشكيل مشروعه الانتخابي الذي يختزله بالقول إنه “مرشح الأغلبية التي سلبت حق المواطنة والتعبير والحريات”.
بوابة تونس استطلعت قراءة الكاتب الصحفي والمحلل السياسي زياد الهاني لأبعاد هذا “الزخم الانتخابي”، ودلالاته.
دور المحكمة الإدارية
يتفق زياد الهاني في تقييمه لعودة الاهتمام الشعبي بالعملية الانتخابية، بعد قرارات المحكمة الإدارية مع عودة 3 مرشحين إلى السباق، مبينا أن “قيمة أي عملية انتخابية تكون في تنوع المرشحين والبرامج المقدمة إلى الجمهور، والمعبرة عن مختلف الشرائح المكونة للناخبين”.
ويلفت الهاني إلى أن “الشعب التونسي يتميز بتعدد توجهاته السياسية، فجزء منه ينتمي إلى حركة دستورية أصيلة كان لها دور أساسي في تحرير تونس من الاستعمار وبناء الدولة الوطنية، إلى جانب تيارات أصيلة أخرى من بينها التيار الإسلامي والتيار القومي العروبي، اللذان يمثلان منظومة الانتماء والدفاع عن الهوية العربية الإسلامية، كما أن قسما هاما من النخب التونسية تحمل ميولات يسارية، إضافة إلى الوطنيين المستقلين، وبالتالي يفترض أن كل هذه التيارات تجد من يمثلها في الانتخابات”.
وشدد محدثنا على ما قامت به المحكمة الإدارية في هذا الصدد، حيث صوبت الخلل الذي تسببت فيه هيئة الانتخابات، بمحاولة حصر التنافس في جهة معينة، تتمثل في الرئيس قيس سعيد وأنصار مسار 25 جويلية، مضيفا: “الآن هناك عائلات سياسية مختلفة موجودة، وهناك مناصرون للمسار السياسي للرئيس قيس سعيد ومعارضون له في المنافسة من الطبيعي أن كل فريق سيسعى إلى المنافسة والدفاع عن الأطروحات التي يرى نفسه فيها.” وتابع قائلا: “بعد أن كانت انتخابات أموات، اليوم أصبحت انتخابات حية”.
وإجابة عن سؤال بوابة تونس عن العوامل التي أسهمت في هذه الحوية والحركية المستجدة، يرى زياد الهاني أنها لا تعود فقط إلى شعور قطاع واسع من الرأي العام بأن المنافسة الانتخابية لم تعد محسومة، مذكرا بالمحطات الانتخابية التي عرفتها تونس بعد 25 جويلية 2021، والتي خيم عليها العزوف الكبير من الناخبين، لأنها “كانت تعتبر محسومة لفائدة ما يريده الرئيس قيس سعيد”، وفق قوله.
واستطرد: “الوضع بات مختلفا، اليوم التونسيون يجدون أنفسهم في الخيارات المطروحة عليهم وبالتالي أصبحوا معنيين بهذه الانتخابات، لأنها تعبر عنهم ولا تعبر فقط عن إرادة الرئيس قيس سعيد كما حصل في سابقتها، ومن هنا يأتي انخراطهم واهتمامهم بالمنافسة الانتخابية، بعد ما عرفوه من عزوف في المحطات السابقة.”
“خط المغزاوي” داخل حركة الشعب
وعلى صعيد متصل، تطرق محدثنا إلى الجدل المثار بخصوص تصريحات المرشح زهير المغزاوي، بين من رحب بها وآخرين قابلوها بالانتقاد، فيما وصفها فريق ثالث بأنها “محاولة للقفز في الوقت الضائع”.
وأكد زياد الهاني في هذا السياق، ضرورة استيعاب الديناميكية داخل حركة الشعب منطلقا لفهم الموقف من ترشح المغزاوي، مبينا أن “هذا القرار لم يكن سهلا، ولم يحظ بإجماع داخل الحركة”، حسب قوله.
وأضاف: “جزء هام من الأعضاء ومنخرطي الحركة رفضوا هذا الترشح، وأصروا على البقاء تحت جناح قيس سعيد، وكان يقود هذا التوجه أحد الأعضاء القياديين السابقين في الحزب الديمقراطي الوحدوي، الذي كان ممثلا للقوميين زمن الرئيس الأسبق بن علي، وبالتالي فإن جزءا من المنخرطين السابقين في الاتحاد الديمقراطي الوحدوي، الذين يعدون اليوم مكونا أساسيا بحركة الشعب، كانوا ضد ترشح الأمين العام، ما يؤكد أن المواقف داخل الحركة لا تسير كلها على خط واحد.
واعتبر الهاني أن انتصار خط زهير المغزاوي، يكرس رجوح كفة “الطرف العقلاني في الحركة والمتماهي مع قضايا الحريات والديمقراطية”.
مواقف “غير ناضجة”
وعلق محدثنا على تصريحات المغزاوي معتبرا أنه “موقف مشرف لإنسان قومي ومناضل قديم، وينزع صبغة أن القوميين لا يتمعشون إلا بالانقلابات”.
واستدرك: “زهير المغزاوي يريد أن يقول لا نحتاج أن نكون جزءا من انقلاب أو سلطة انقلابية، وإنما نحن مستعدون للمساهمة في العملية الانتخابية والاحتكام إلى صناديق الاقتراع.”
واستغرب زياد الهاني الهجمات الحاصلة على أمين عام حركة الشعب، من قبل معارضي الرئيس سعيد، والتي وصفها بكونها “مواقف غير ناضجة”، مشيرا إلى أن الحكمة تقتضي في هذه الفترة الحاسمة من تاريخ بلادنا، تضييق دائرة الخصوم وتوسيع دائرة الاصدقاء، وهذا يعتمد على أن تحيد جزءا منهم.
وواصل حديثه قائلا: بدل أن يصرف هؤلاء طاقتهم في التهجم على زهير المغزاوي، من الأفضل استثمار هذه الفرصة لأن ما يقوله المغزاوي تنطبق عليه الآية الكريمة “وشهد شاهد من أهلها”، ما يجعل قوله أكثر مصداقية مما يقوله الخصوم فيرمون بالافتراء.